تخطى إلى المحتوى

متطوعون ينشرون ثقافة «افتا»

 كانت تنمية القوى البشرية ومازالت أحد الأهداف الأساسية والسياسات المعتمدة في خطط التنمية المتعاقبة على مستوى الدولة؛ حيث برزت أهمية التدريب إلى جانب التعليم كإحدى الركائز التي تقوم عليها تلك السياسات لبلوغ ذلك الهدف، ومن هذا المنطلق اهتمت جمعية دعم اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه “افتا” ببرنامج “مرشد افتا”، وتبنت فكرة تدريب الطلاب الجامعيين الخريجين والمتوقع تخرجهم ليكونوا قادة في مجتمعهم، ويساهموا برفع مستوى الوعي بالاضطراب، ودعمه بكافة أرجاء المملكة.

رغبة التغيير

وكشفت “رنا صالح المحبوب” – طالبة جامعية تخصص علاج وظيفي – أنّها تطوعت مع الجمعية وتطمح إلى المزيد في الأيام المقبلة؛ لما للعمل التطوعي من تأثير إيجابي على المجتمع والمتطوع، مظهرةً رغبتها الشديدة في تغيير نظرة المجتمع السائدة عن اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، وتصحيح بعض المفاهيم الخاطئة، واعطاء ذوي “افتا” حقهم في ممارسة الحياة الطبيعية كغيرهم، مشيرة إلى أنّها في تطوعها مع جمعية “افتا” تبنت أفكار الجمعية، التي تناصر الأفراد المصابين، وتنشر الوعي بين أفراد المجتمع عن الاضطراب، وتُبيّن كيفية التعامل مع ذويه، وتسعى للحد من النظره السلبية لذوي “افتا”، مبيّنة أنّ ذلك يكون بجهود الجمعية والمتطوعين بعد ادراجهم تحت نظام تدريبي فعّال، واشراكهم في المحاضرات التدريبية المكثفة؛ ليتم بعد ذلك اختيار الفئة الأفضل لتكون خير سفير للجميعة ونشاطاتها.

معوقات التطوع

وقالت “المحبوب”: “إنّ من أهم المعوقات التي نواجهها في الأعمال التطوعية هي صعوبة الحصول على الموافقة لمشروع العمل التطوعي، وأيضاً عدم الإلمام الوافي بفكرة العمل التطوعي وأهميته لأفراد المجتمع، وكذلك التكلفة الماديه المصاحبة له، ونظراً للتطوّر الملموس لمستوى الثقافة والإدراك بات هناك تغيّر ملحوظ في النظرة للعمل التطوعي، وأنّ شريحة كبيرة من الشباب قد انجذبت إليه لتقديم مالديهم، خصوصاً وأنّ الدافع الرئيس وراء التطوع هو الحصول على الأجر من الله، ورفع مستوى الوعي والثقافة بين أفراد المجتمع وتصحيح بعض المفاهيم”، متمنيةًً أن يُلتفَت لذوي “افتا”؛ لما لهم من قدرة على الإبداع والتميّز، وأن يُسلط الضوء على المشروعات التطوعية، وأن تحرص القطاعات العامة والخاصة على المساهمة فيها، وتقدم الدعم المستمر لها؛ لكي تظهر بصورة مشرفة للوطن، ويكون الجميع وحدة واحدة يحرص كلُّ أجزائها على تطوير ودعم الآخر.

مسؤولية اجتماعية

وذكرت “الهنوف بنت بدر بن محمد آل سعود” – طالبة ماجستير علم اجتماع – أنّ المشاركه في العمل التطوعي هي من باب المسؤولية الاجتماعية، وذلك لرغبتها في أن تكون عضواً مؤثراً في المجتمع؛ من خلال رفع المستوى الفكري والعملي لأفراد المجتمع، وتقديم المساعده للغير، واكتساب المهارات من خلال العمل التطوعي، مضيفةً أنّ جمعية “افتا” تقدم العديد من الخدمات للمتطوعين، وأن هدفها لم يقتصر فقط على استقطاب المتطوعين؛ بل سعت إلى تكوين كادر تطوعي واعي يمتلك للمهارات اللاّزمة، وذلك من خلال تقديم ورش عمل ودوارات تدريبه للمتطوعين، وتنظيم اجتماعات لهم لتبادل التجارب واكتساب الخبرات والمعرفه، وتكريمهم المتميزين من المتطوعين.

اقبال وتقصير!

وتوقعت “الهنوف” للعمل التطوعي كثيراً من التقدم، من خلال اقبال كثير من الشباب المتطوعين، وأنّ هذا التقدم مرهون بارتفاع جودة التنظيم، وتنامي مستوى الوعي وأنّ ذلك كله سيجعل من المملكه رائدةً في مجال العمل التطوعي؛ لولع أبنائها بحب الخير وتقديم العون والمساعدة، والرغبة في خدمة الوطن، كاشفةً عن وجود عدة معوقات أمام العمل التطوعي منها؛ عدم وعي بعض افراد المجتمع، وتقصير بعض وسائل الإعلام بالمشاركة في دعم الأعمال التطوعية، التي تسعى إلى غرس قيم التعاون وتقديم المساعده للغير في نفوس الناشئين، وتقاعس بعض الجهات التعلميه في تثقيف الطلاب عن العمل التطوعي في وقتٍ مبكر، وأيضاً خوف المتطوع من الارتباط، وعدم جدية بعضهم في مشاركته بالاعمال التطوعية.

تطوير الذات

وبيّن “بسام فارس الحسن” – طالب في كلية الطب: أنّ التطوع مع الجمعية ساهم في تطويره على الصعيد الشخصي؛ فقد اكتسب العديد من المهارات والخبرات الجديدة؛ كالعمل ضمن فريق، وكيفية التواصل مع الآخرين، والتعامل مع طبقات المجتمع المختلفة، وأنّه بدأ التطوع في أنشطة الجامعة اللاصفية، والأنشطة الطلابية كالحملات التوعوية والتثقيفية والمشاركة في تنظيم الفعاليات المختلفة، وشارك مع جمعية دعم اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه في مهرجان عبقري (2)، والجمعية تقدم للمتطوعين دورات عن الاضطراب؛ حتى يكونوا قادرين على ايصال المعلومة الصحيحة الى المجتمع، كما تنظم أيضاً ورش عمل تطوير الشخصية ومهارات الإلقاء والقيادة ضمن برنامج “مرشد افتا الطلابي”، مضيفاً أنّ العمل التطوعي الآن في ازدياد ملحوظ، فلا تكاد توجد جمعية خيرية إلاّ ولديها أنشطة تعتمد فيها على المتطوعين، وأنّ هذا التنامي أمامه كثير من العواقب، التي يعدُّ من أبرزها غياب التشجيع من قبل المدارس والجامعات وبعض الأهالي، كما أنّ بعض المتطوعين ليس لديهم الدافع القوي، الذي يجعل الشخص يستثمر وقت فراغه في الاعمال التطوعية، مشدداً على أهمية إنشاء مراكز معنية بالتطوع وتطوير المتطوعين.

تكامل العمل

وأشار “محمد صالح الخضر” – طالب امتياز في هندسة الأجهزة الطبية – إلى أنّ أول عمل تطوعي له كان بمحض المصادفة وبعدها التحق بالجمعية كمتطوع، وأنّ ذلك أكسبه العديد من المهارات، وتعلّم تحمل المسؤولية والصبر على النتائج، إضافة إلى مهارة العمل كفريق، وأن ما يميّز جمعية “افتا” هو حرصها الشديد على تطوير المتطوعين؛ عن طريق ترشيحهم للعديد من ورش العمل والدورات، مضيفاً أنّ انشغال البعض بالدراسه أو العمل يعيق تكامل العمل التطوعي، مع أنّه يرى أنّ معوق الرئيس هو عدم نشر ثقافة التطوع؛ لأن الشاب السعودي محب لعمل الخير، مبيناً أنّ الجامعات التي لا تزرع فكرة العمل التطوعي في طلابها تتحمل جزءاً كبيراً في ذلك.

قادة مؤثرون

د. عبدالرحمن الشتوي

وأكّد “د. عبدالرحمن الشتوي” على أهمية أن يكون مقدمو الخدمة للمجتمع متدربين على مجموعة من المهارات؛ للتأثير في الآخرين وإقناعهم بجدوى المشروع الذي يمثله، وأنّ الشباب المتطوعين في جمعية “افتا” التحقوا ببرنامجين أساسيين “القيادة والالقاء”؛ حيث يتعلم فيه الشاب كيف يكون قائداً، وكيف يجيد التحدث بطلاقة، ويكون كلامه مشوّقا ويغطي كافة جوانب الفكرة من دون نقص، وأعدّ البرنامج للجامعيين، وهم سينزلون للميدان مباشرة؛ لأنهم خريجين أو متوقع تخرجهم، وليساعدهم ذلك في أن يقفزوا من نجاح إلى آخر، لافتا إلى أنّه يحسب لجمعية “افتا” اهتمامها في تدريب وتطوير أبناء البلد، وأنها اعتمدت على أساس دراسة الإحتياج الفعلي لوجود قادة مؤثرين للنهوض بالمجتمع في المجال الصحي.

المصدر: جريدة الرياض