تخطى إلى المحتوى

د. سعاد يماني: «الطفل المشاغب» أو من يواجه صعوبات تعلم أكثر إصابة بفرط الحركة وتشتت الانتباه!

ترعى صاحبة السمو الملكي الأميرة مشاعل بنت خالد بن عبدالعزيز مساء اليوم الخميس حفل السحور الخيري الذي تنظمه جمعية اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (افتا)، وذلك في مركز الملتقى النسائي بحي الملز في الرياض، كما يتزامن هذا الاحتفال مع الذكرى الثالثة لتأسيس الجمعية.

ويهدف هذا النشاط إلى التعريف باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، وتوعية المجتمع بأعراضه، ووسائل علاجه، والمشاركة في دعمه، إلى جانب استعراض أعمال ومنجزات ومشروعات الجمعية.

ويشمل الاحتفال على عرض توعوي عن الاضطراب أسبابه وعلاجه تلقيه أخصائية التثقيف الصحي «سمية العبّادي»، وتجربة الطالبة الجامعية «منال الفقيه» من ذوي «افتا» وكيفية تجاوزها هذا الاضطراب، إلى جانب عرض كوميدي للممثل المبدع يوسف الجراح، ومزاد خيري.

«الرياض» التقت «د. سعاد بن عبدالله يماني» استشاريه المخ والاعصاب رئيسة مجموعه اضطراب فرط الحركه وتشتت الانتباه بمستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض – للحديث عن اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، ووسائل علاجه طبياً وتربوياً وسلوكياً، ومجالات التعاون بين المنزل والمدرسة وبقية مؤسسات المجتمع لتهيئة بيئة مناسبة للمصابين، إلى جانب وسائل الدعم المتاحة لتوعية المجتمع، وفيما يلي نص الحوار:

 

 

نحتاج إلى تفعيل «المشروع الوطني» وتأهيل الكوادر الطبية وإنشاء عيادات متخصصة

 

نسبة الاصابة وأسبابها

* ما المقصود ب “أفتا”؟

– «افتا» هو اختصار لاضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، وهو اضطراب عصبي بيولوجي يصيب الأطفال ويؤدي إلى خلل في تنظيم الحركة والانتباه والاندفاعية.

* ما نسبة الإصابة عالمياً وعلى مستوى المملكة؟

– عالمياً هناك تفاوت على مستوى الدول وعلى مستوى المجتمعات المختلفة وتتفاوت بين 6-9%، وفي المملكة متوسط الإصابة 15%.

* ما أهم الأسباب المؤدية إلى الإصابة؟

– هناك كثير من الأبحاث التي اجريت في مناطق مختلفة في العالم هدفها هو الإجابة عن هذا السؤال بالتحديد، وكانت نتائجها أن أهم أسباب الإصابة ب «افتا» هي الأسباب الوراثية، وتصل أهميتها في الإصابة إلى 92%، وهناك أسباب أخرى تلعب دوراً أقل في نسبة الإصابة بالالتهابات أو الجلطات التي تحدث للأم أو الجنين أثناء الحمل، أو تناول الأم لبعض المواد الضارة أو التدخين أثناء فترة الحمل. وأهمية الأسباب الوراثية ربما تلعب دور في زيادة نسبة الإصابة في المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي.

 

تشخيص الاصابة

* كيف يتم التشخيص؟ وكيف يتوقع الأهل أن طفلهم مصاب؟

– ليس هناك اختبارات مخبريه أو أشعة لتشخيص «افتا»، لابد أن يتم التشخيص من قبل مختص قادر على القيام بعملية التشخيص والعلاج كطبيب الأعصاب أو النفسية أو اضطرابات النمو، ولابد من وجود الأعراض الرئيسة للاضطراب ومنها:

– فرط الحركة وتشتت الانتباه والاندفاعية وهيمنتها على سلوك المصاب.

– وجود تأثيرات سلبية على نواح عديدة من حياة الفرد أكاديمياً وسلوكياً واجتماعياً.

– أن تكون الأعراض الرئيسة مهيمنة على السلوك في بيئتين مختلفتين كالبيت والمدرسة.

– جمع المعلومات من السجلات الطبية والمدرسية.

– معلومات من خلال المقياس العالمي الرابع (DSM IV).

– التأكد من قبل الطبيب المختص.

– عدم وجود أمراض أخرى مشابهة في أعراضها ل «افتا».

 

العلاج الناجح

* ما العلاج الناجح؟

– العلاج الناجح هو العلاج الشمولي المتعدد الجوانب، ويشمل: العلاج الطبي، والسلوكي، والتربوي.

* تحدثت فى أحد اللقاءات عن أهمية الثقافة المعرفية فما المقصود بها؟

– الثقافة المعرفية هو معرفة الأسرة أو المجتمع المحيط بذوي «افتا» من أهالي وتربويين، أو المجتمع ككل بجميع خصائص «افتا» والطرائق الصحيحة للتعامل معه.

* ما العلاج الطبي؟

– العلاج الطبي أثبت نجاحه في علاج «افتا» في 80-90% من الحالات، وأكثر الأدوية المستخدمة هي الأدوية المنشطة مثل ريتارلين أو دكسدرين أو ادرال أو كونشيرتا.

وفي حالة استخدام العلاج الطبي لابد على أفراد الأسرة والمدرسة من التعاون في ملاحظة الطفل من ناحية الاستجابة أو الأعراض الجانبية مع التواصل مع الطبيب المعالج.

* ماذا تقصدين بالعلاج التربوي؟، وما أبرز الاستراتيجيات التربوية الفعالة؟

– العلاج التربوي يقصد به دعم التربويين أو التربويات لذوي افتا للوصول إلى أقصى قدراتهم.

ومن أهم الاستراتيجيات الفعالة:

– توفير الدعم والتشجيع.

– فصل منظم وباعث على البهجة والسرور.

– معلم عادل و مسؤول وخير قدوة.

– أن يعاملوا باحترام وألاَّ يتعرضوا للإهانة أمام زملائهم.

– تقديم المساعدة لهم على اكتساب مهارة التنظيم ووضع الأولويات.

– مد يد العون لهم أثناء التغيرات سواء البيئية أو الشخصية.

– مساعدتهم لوضع جدول لأعمالهم اليومية.

– مدرسون يتمتعون بالمرونة وحب الابداع.

 

 


د. سعاد يماني

 

 

المنزل والمدرسة

* ماذا تفعل الأسرة إذا اكتشفت حالة من هذا النوع؟ وأين ستذهب بابنها المصاب؟

– تلجأ إلى أي طبيب أعصاب، أو طبيب نفسي مختص، أو طبيب عيادة لتشخيص الطفل والتسجيل مع الجمعية للاستفادة من الخدمات والأنشطة التي تقيمها.

* أثناء دخول الطفل المصاب إلى المدرسة، ما السلوكيات التي نلحظها عليه؟، وكيف بنا أن نتصرف حياله؟

– عندما نلاحظ على الطفل التعثر أكاديمياً، إضافة لشكوى معلمه من ضعفه في بعض المهارات الاجتماعية والأكاديمية؛ عندئذ ينبغي التعاون مع المدرسة لتوفير الدعم المناسب له في المدرسة.

 

سلوك مضطرب

* هناك تشابه بين السلوك العادي للطفل وبين هذا الاضطراب، كيف نميز أن هذا الطفل مصاب بفرط الحركة أو تشتت الانتباه من غيره من المشاغبين؟

– بالتركيز في مدى شدة وحدة الأعراض، والفترات والظروف التي يظهر فيها السلوك غير المناسب؛ عندئذ نستطيع التمييز بين ما إذا كان الطفل مشاغباً أو مصاباً بالاضطراب.

* متى بدأت العناية بالأطفال المصابين بفرط الحركة والتشتت في المملكة؟

– إن العناية بهؤلاء الأطفال ومحاولات تشخيصهم وتكييفهم مع البيئة المحيطة بهم ليست وليدة اليوم أو الأمس، ويبقى السؤال: هل التشخيص والعناية المقدمة للأطفال صحيحة ومناسبة أو كافية من القطاعات المختلفة ذات العلاقة؟، وهل التأهيل للأفراد على درجة مناسبة؟، وعلى كل حال حين بدأنا بتكوين مجموعة دعم الاضطراب تحت مظلة مستشفى الملك فيصل التخصصي، أو الجمعية تحت مظلة وزارة الشؤون كان الهدف وما زال بداية صحيحة وقوية في تقديم كل ما من شأنه خدمة ورعاية الطفل والأسرة.

 

جهود حكومية

* كيف ترين بدايات الجهود الطبية في المملكة وما وصلت إليه الآن؟

– كما هو معلوم فان المملكة سباقة في جميع نواحي الخدمات التي تقدم للمواطن؛ خاصة تلك المتعلقة بالأطفال، لكننا لازلنا بحاجة ماسة إلى تأهيل كوادر طبية وفق طرق علمية صحيحة ومدروسة، وتخصصات يتم من خلالها تشخيص وعلاج تلك الحالات وهو ما لم يتم في يوم وليلة؛ ولكن يتطلب تضافر الجهود، كما نحن بحاجة إلى تخصيص مراكز صحية وعيادات شاملة لتشخيص وعلاج حالات الاضطراب والعمل على توفير الكفاءات القادرين على إبراز الجوانب الايجابية للطفل وتفعيلها بشكل صحيح.

* كيف ترين جهود وزارة التربية في التشخيص للحالات المدرسية وفي التوعية أيضاً؟، وهل تعتقدين أن المرشد الطلابي بالمدارس قادر على التعامل مع هذه النوعية من الاضطراب؟

– لوزارة التربية دور كبير متكامل مع باقي الجهات ذات العلاقة، وهذا ما تم وضعه في بنود المشروع الوطني لرعاية الأطفال المصابين بالاضطراب، وتقع على وزارة التربية مسؤولية عظيمة، خاصة إذا كنا نتحدث عن أطفال هم بالدرجة الأولى في عمر المدرسة، ومكانهم الطبيعي المدرسة، فنحن مثلاً لا نتحدث عن أطفال مصابين مثلاً بالسرطان والجهة المسؤولة بالدرجة الأولى وزارة الصحة أو المستشفى، ومن هنا اعتقد أن الفريق العامل مع الطفل سواء معلم أو اخصائى أو مرشد طلابي لابد أن يكون على درجة عالية من التدريب، ولديه مهارات التعامل الصحيح مع الطفل، بل حتى الأفراد الآخرين الموجودين من الحارس إلى مدير المدرسة يجب أن يكون لديهم وعى بالتعامل الصحيح مع هؤلاء الأطفال.

 

التوعية في المدارس

* لماذا لا تكثفون جهودكم في المدارس للتوعية؟، ولماذا لا تتبنون دورات تدريبية للمرشدين والمرشدات الطلابيين في المدارس؟

– على العكس تماماً نحن نعمل مثل خلية النحل على مدار العام في التثقيف والتوعية والتدريب لكافة القطاعات والفئات في المجتمع منذ إنشاء المجموعة والجمعية؛ ومتفرغين بالدرجة الأولى لعقد تلك الدورات التدريبية سواء للأهالي أو الأطفال وحتى التربويين، ويكون بعضها بشهادات حضور معتمدة من وزارة التربية والتعليم؛ ولم يقتصر الأمر على المدارس الحكومية فقط، بل استهدفنا المدارس الأهلية أيضاً.

 

مؤتمرات علمية

* ما المؤتمرات التي أقمتموها للتعريف بهذا الاضطراب وطرائق التعامل معه؟، وما أبرز الشخصيات التي استضفتموها من الخارج والداخل؟

– خلال الخمس السنوات الماضية – وهو عمر المجموعة وعام ونصف فقط عمر الجمعية – قمنا بعمل ثلاثة مؤتمرات عالمية، وهي: المؤتمر العالمي الأول برعاية صاحب السمو الملكي الأمير طلال بن عبدالعزيز، المؤتمر العالمي الثاني برعاية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نواف بن عبدالعزيز، والمؤتمر العالمي الثالث للمجموعة والأول شراكة مع الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – حفظه الله.

 

جهود إعلامية

* كيف تقومين جهود الإعلام في التعريف بهذا الاضطراب والتوعية بأخطاره؟

– بعد الملتقى الاعلامى الأول مع الإعلاميين في 2005م عقدنا اتفاقية شراكة مع الإعلام، وكانوا لنا نعم الشريك والمعين، ولن نستطيع أن نحقق أهم هدف من أهداف المجموعة والجمعية وهو نشر الوعي في المجتمع لولا هذه الشراكة، ودورهم مكمل لنا.

 

شخصيات عالمية

* من أبرز الشخصيات العالمية الناحجة التي أصيبت بهذا الاضطراب؟ وهل يمكن للمصاب أن يصبح ناحجاً؟ ما السبل لتحقيق هذا النجاح؟

– ليوناردو ديفينشي، توماس أديسون، أنيشتاين، ومايكل فيليبس. نعم يمكن للمصاب أن يصبح ناجحاً بتلقي العلاج المناسب الذي يساعد على التخفيف من حدت أعراض الاضطراب.

* وزارة الشؤون الاجتماعية وافقت على تأسيس جمعية خاصة تعنى برعاية الأطفال المصابين بالاضطراب، ماذا تم حيال هذه الجمعية؟ وإلى ماذا تهدف؟ وماذا عن حملات التوعية المصاحبة لها؟

– بالفعل تمت الموافقة وزارة الشؤون الاجتماعية في شهر سبتمبر من عام 2008م، وتأسست الجمعية وهدفت من تأسيسها إلى التوعية بهذا الاضطراب لجميع أفراد المجتمع عامة والمصابين خاصة.

وقد قامت الجمعية خلال فترة تأسيسها بعدة فعاليات وأنشطة ومحاضرات وورش عمل مهمة سعت من ورائها إلى تحقيق الهدف المرجو من تأسيسها، وأخيراً قامت الجمعية بورش عمل للأطفال والمراهقين ألقتها د. نهال عرفان، إضافة إلى ورشة عمل خاصة بالأهالي ألقتها د. سلوى خشيم، وهناك حملة توعوية منظمة على مدى ثلاث سنوات على سترى النور عن قريب.

 

تعاون دولي

* ما الجهات العالمية التي تتعاملون معها في مجال اضطراب الحركة؟، وهل ثمة اتفاقيات طبية بهذا الخصوص؟

– نتعاون مع عدد من الجهات ونحن سعداء بالتعاون مع الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال؛ خاصة مع ما لديهم من خبرة متقدمة في هذا المجال، ولله الحمد تمكنا من عقد اتفاقيات تعاون معهم تعد الأولى والوحيدة في الشرق الأوسط، كما تمكنا من خلال شراكتنا معهم بالمؤتمر العالمي الماضي أن نحصد ثمار مواد علمية وتربوية وتدريب للأطباء والتربويين والأهالي.

 

الدعم المالي

* ذكرتم في لقاءات صحفية أن جمعية «افتا» ليس لها ميزانية رغم أهميتها كمشروع وطني؟ كيف تجلبون الدعم المادي للجمعية؟ وكيف تنظرون إلى دعم القطاع الخاص لمثل هذه المشاريع؟

– قيام الجمعية وتحقيقها لأهدافها يجب أن يكون بدعم من محبي الخير الذين يسعون دائما إلى عمل الخير، وبالطبع الدعم لا يكون ماديا فقط، بل الدعم العيني والمعنوي في جميع المجالات، ونحن بالفعل نحتاج إلى دعم مادي كبير من جميع الأفراد والمؤسسات الخاصة والحكومية لتحقيق خططنا المستقبلية ودعم من محبي الخير لكي نتوسع في هذه الخطط.

 

 

 

 

عيادات متخصصة

* هل تؤيدين ضرورة إنشاء عيادات متخصصة لتشخيص وعلاج الاضطراب، وتنظيم ورش عمل مستمرة للأطباء والأهالي والتربويين تساعد على تقديم خدمات صحية متكاملة الأطفال المصابون باضطراب فرط الحركة؟

– بالتأكيد يجب أن يكون هناك عيادات متخصصة لتشخيص وعلاج الاضطراب، إضافة إلى تنظيم ورش عمل مستمرة للاطباء والأهالي والتربوين وتنظيم حملات منظمة للتوعية بالجوانب المختلفة للاضطراب.

 

تخصص جامعي

* هل هذا التخصص يدرس في جامعاتنا في كليات الطب أو في علم النفس؟ وكيف ترين اهتمام الجامعات في هذه الحالات المرضية؟

– تسعى بعض الجامعات لدرج هذا المسار ضمن أقسام التربية الخاصة فيها، أما بالنسبة للكليات العلمية نتمنى ان تدرج كمواضيع تدرّس للطلبة.

معوقات النجاح

* ما معوقات نجاح مشاريعكم هذه لأطفال اضطراب فرط الحركة؟

اكبر معوق ولا شك ضعف الدعم المادي بالدرجة الأولى، التى نحتاجها لإقامة المشاريع وتوسيع نطاق الخدمات وتنفيذ الأنشطة الهادفة والداعمة للأطفال إضافة لعدم وجود الوعي بين أفراد المجتمع.

 

جهود تطوعية

* ماذا عن الجهود التطوعية المساندة لكم ؟ كيف تقيمينها؟ وهل ساهمت في تحقيق شيء؟

– الحمد لله كثير من أعمال الجمعية والمجموعة نجحت بفضل الله، ثم بمساندة المتطوعين من مختلف شرائح المجتمع، ونحن فخورين بكل الأعضاء والعضوات المتطوعين معنا والمساندين لنا، خاصة تلك المجموعة الرائعة من أبناءنا وبناتنا الذين كانوا سبباً بعد الله سبحانه وتعالى في نجاح المؤتمر المشترك مع الأكاديمية الأمريكية.

* كلمة أخيرة في نهاية اللقاء

– أشكركم على هذا اللقاء، وأدعو كل من يشك في وجود أعراض هذا الاضطراب لدى ابنه أو ابنته بمراجعة الطبيب المختص بذلك، ولا يتهاون في هذا الأمر؛ فالكشف المبكر يساعد على العلاج كثيراً دوائياً وسلوكياً.