استهدفت جمعية دعم اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه “افتا” دعم المصابين بالاضطراب، وتنمية وعي المجتمع نحو إصابتهم، والتعامل معها داخل الأسرة، والمدرسة، إلى جانب توفير الرعاية الطبية لهم، وتقديم أفضل الخدمات البحثية والعلاجية -مستقبلاً-.
وتبعاً لذلك، نظّمت الجمعية العديد من الفعاليات التي تحقق رسالتها السامية، ومن ذلك مؤتمر “إعداد القادة الأطباء” يقدمه خبراء لهم باعٌ طويل في الدورات القيادية؛ سعياً في تخريج قادة يمكنهم المساهمة في تحسين كافة الخدمات الصحية بالمملكة، وخصوصاً تلك المقدمة للفئة المصابة باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه.. “الرياض” التقت بعدد من المتحدثين في المؤتمر وكان التحقيق التالي.
ورش عمل مكثفة
في البداية ذكر “د.جيلبيرت سي ليو” -أستاذ مساعد في كلية الطب بجامعة إنديانا- أنّ المسوغات المنطقية الأساسية للقيادة تتمثل في أنها تتألف من مهارات وممارسات يمكن تحسينها عن طريق التدريب، وسبق أن ساهمت “الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال” بتطوير ورش عمل مكثفة جرى تصميمها لتحسين القيادة الطبية، والتطرق بصفة خاصة للتحديات التي تواجه القادة لدى مقدمي خدمات الرعاية الصحية، ويعتمد هذا التدريب القيادي على أساس راسخ من الأدلة والبراهين المستخلصة من البحوث التي شارك فيها مئات القادة، والذين أحرزوا درجة عالية من النجاح في المحافل والمنابر بكبريات الشركات والجهات الحكومية.
القيادة المتميزة
وقال “د.ليو”: “نحن متحمسون بصفة خاصة للشراكة في الجهود الرامية إلى تطوير صحة جميع الأطفال على مستوى العالم، مشيراً إلى أن مجموعة دعم اضطراب فرط الحركة وتشتت الإنتباه برئاسة “د.سعاد يماني” تعدُّ نموذجاً ممتازاً لفريق على مستوى عالٍ من الأداء؛ مما يثبت وجود قيادة متميزة من شأنها خدمة الأطفال بالمملكة، كما أنّ الجمعية تمثل نموذجاً يحتذى به للرعاية المبتكرة على مستوى العالم”، مضيفاً أنّه يوماً بعد يوم يزداد اعتماد الرعاية الصحية على الشراكة متعددة التخصصات، ذلك أنّ الأطباء وغيرهم من مقدمي الخدمات الصحية يعتمدون على تبادل المعلومات لتطويرها، وأنّ من أكبر التحديات التي تجابه القادة الترويج للتغيير والتطوير عبر المنظمات والجمعيات الخيرية، مشيراً إلى أنّ هذه أول مرة يقدمون فيها دورات تدريبية حول القيادة بالمملكة، متوقعاً الخروج بتجربة ناجحة من فرصة الشراكة التي أتيحت لهم، آملاً تخريج كوادر من الأطباء يكونون قادة على درجة عالية من المهارة، حتى يمضوا قدماً في تطوير وتحسين الرعاية الصحية على نطاق المملكة.
د.جون فوربس مقدماً ورشة عمل للأطباء
برامج مدروسة
وأوضح “أ.د.سامي حسين الحجار” -استشاري الأمراض المعدية بمستشفى الملك فيصل التخصصي- أن الطبيب السعودي يتمتع بقدرات ومؤهلات علميه في مختلف المجالات الطبيه تم اكتسابها من خلال مشوار طويل في الدراسة والتحصيل، وكثيراً ما يجد هؤلاء الأطباء انفسهم بمواقع المسؤولية والقيادة في قطاعاتهم الصحية أو الأكاديمية، وتُلقى على عاتقهم مهام كبيرة وجسيمة وهنا تبدأ المشكله؛ حيث إنّ بعض هؤلاء الأطباء غير مستعد أو في الحقيقة غير مؤهل لتحمل هذا النوع من المسؤوليات القيادية، وقد يعلل البعض ذلك بعدم وجود برامج مدروسة عن القيادة خلال التحصيل العلمي، خاصةً في العصر الحالي، حيث أصبحت مستلزمات الإدارة والقيادة في المجال الطبي علماً ومهارة تحتاج إلى برامج إعدادية متخصصه، لافتاً إلى أنّ برامج “إعداد القادة للأطباء” تبنته الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال منذ ما يزيد عن عشر سنوات، وقد أنشئ على قاعدة واسعة من الأبحاث والدراسات التي تطرقت للتحديات التي يواجهها الأطباء في المناصب القيادية، وكانت الحصيلة ولادة دورات مكثفه تهدف إلى تزويد الأطباء بمعرفه المهارات التي تمكنهم من رفع قدراتهم، والوصول إلى القرارت الحكيمة، وفهم الغير وذلك بالإنصات والإفادة من الآراء المختلفة، وتوظيفها ضمن روح الفريق والعمل الجماعي، وتكون المحصلة أداء أفضل وخدمات مثمرة للمواطن.
د.سامي الحيدر
خطوة ايجابية
ونوّه “أ.د.الحجار” بمبادرة جمعية “افتا” بدعوة الأكاديمية الامريكية لتنفيذ البرنامج بالمملكة، واعتبر ذلك خطوة إيجابية، وسيكون لها دور كبير في رفع كفاءة الأطباء المشاركين، وتقوية قدراتهم وإمكاناتهم في إدارتهم المختلفه، سواء الصحية أو الأكاديمية، حيث يشمل البرنامج الأطباء ممن يعملون في مناصب إدارية أو مرشحين لهذه المناصب، مضيفاً أنّه يجب أن يكون هذا المؤتمر بمثابة نواة لرفع الكفاءات لدى الكوادر الصحية والأكاديمية، ويصبح منطلقاً أساسياً لإعداد القادة الأطباء في المملكة.
سمة بارزة
وكشف “د.سامي الحيدر” أنّ أكاديمية طب الأطفال الامريكية تعتبر الأقوى تأثيراً بين الجمعيات الطبية المتخصصة في الأطفال، وتعمل بمبدأ الوقاية قبل الاصابة، وهي جمعية عريقة على مستوى العالم، ويبلغ عدد أعضائها حتى الآن أكثر من (60) الف عضو من داخل وخارج الولايات المتحدة، منهم اطباء متخصصون ولهم علاقة بطب الأطفال، مضيفاً أنّ السمة البارزة لمؤتمر “إعداد القادة الأطباء” كانت في اعتماد ورش العمل المكثفة بدل المحاضرات التعليمية الطويلة، حيث إنّها أبلغ في إيصال المهارات أكثر من المحاضرات، مما جعل للبرنامج فوائد كثيرة للمشتركين، فالعديد منهم على علم بالمهارات القيادية، ولكن تطبيقها على أرض الواقع يحتاج إلى ممارسة، وورش العمل تساعدهم على تطبيق المعلومات، والتي يحتاجها الفرد على مستواه الشخصي، ويمتد تأثيرها إلى فريق العمل، وهي ضرورية للتعامل مع المجتمع، موضحاً أنّ هذه المهارات تم أخذها من الدراسات التي طبقت في مختلف الجوانب الأكاديمية وتعليمية، وأيضاً في الوسط الطبي، مع تعديلات بسيطة حسب الحاجة إلى ذلك.
د.جيلبيرت ليو
الواقع والمأمول
وأضاف “د.الحيدر” أنّ ورش العمل بنيت على عدد من المهارات التي اهتمت بكيفية تحديد الهدف التي يريد القائد الوصول إليه، ومشاركة فريق العمل خطوات التنفيذ، وتحديد العوائق والحواجز والتعامل معها، مشيراً إلى أنّ الهدف من ذلك تحقيق المستوى المأمول للرعاية الصحية، والافادة من الموارد المتوفرة في البلد، لافتاً إلى أنّ ميزة بث روح القيادة لدى الطواقم الطبية تكمن في تحقيق نتائج كبيرة تبدأ من تخفيف الأعباء على المديرين التنفيذيين، حيث يكون كلُّ موظف قائد في نطاق معين من الصلاحيات، وإذا ما عمل خلال هذا النطاق بفعالية عالية سيساهم ذلك في تغيير الواقع أو حتى تقليص الهوة بين الواقع والمأمول، حيث إنّ الجميع سيتحرك لتحقيق الأهداف الأقرب للكمال، والمواطن المتمدن لا ينيط بالجهات الحكومية الدور في تحسين الخدمات فقط، بل يسعى جاهداً ليكون جزءاً من ذلك.
أ.د.سامي الحجار