د. يماني: الأطفال المصابون يمثلون 15.5% ويعانون صعوبات في التعلم والاندفاعية و”العصبية” والملل
نوهت الدكتورة سعاد يماني رئيسة مجموعة دعم فرط الحركة وتشتت الانتباه واستشارية المخ والأعصاب يمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض بموافقة مجلس الوزراء برئاسة خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله- على المشروع الوطني لدعم ذوي اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، مؤكدة على أن هذه الموافقة تجسيد للرعاية الخاصة التي يجدها أبناء هذا الوطن من قائدهم في كافة المجالات.
وقالت في حوار ل”الرياض” إن الآلية التي وضعت لتنفيذ المشروع تقوم على مشاركة خمس وزارات هي الصحة، والتربية والتعليم، والتعليم العالي، والثقافة والإعلام، والشؤون الاجتماعية، بحيث تعمل كل وزارة منها في الجانب الذي يخصها، مشيرة إلى أنه سيكون هناك لجنة مشكلة من هذه الجهات تتولى البدء في تنفيذ هذا المشروع، ونرجو أن تكون هذه اللجنة برئاسة وزارة الصحة ممثلة بمستشفى الملك فيصل التخصصي و مركز الأبحاث بالرياض، داعية أن يكون هناك ميزانية خاصة بالمشروع بما يضمن تحقيق أهدافه، وتمكين أسر المصابين من تأمين احتياجات أبنائهم طبياً وتربوياً ونفسياً، وفيما يلي نص الحوار:
موافقة مجلس الوزراء
@ بداية كيف تنظرين إلى موافقة مجلس الوزراء برئاسة خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله- على المشروع الوطني للتعامل مع الأطفال ذوي فرط الحركة وتشتت الانتباه؟
– تمثّل هذه الموافقة الكريمة من مقام خادم الحرمين الشريفين تجسيداً للرعاية الخاصة التي يجدها أبناء هذا الوطن من قائدهم في كافة المجالات، وامتداداً لرؤيته الحكيمة والإنسانية التي تهتم بالمشكلات والظواهر الصحية التي تشكل تهديداً لسلامة بعض أبناء المجتمع، لاسيما الأطفال منهم، حيث تفضّل -حفظه الله- خلال رئاسته مجلس الوزراء مؤخراً بالموافقة على المشروع الوطني لدعم ذوي اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، بمشاركة عدد من المؤسسات الحكومية، بهدف رفع مستوى الخدمات المقدمة لهذه الفئة علاجياً وتربوياً وسلوكياً، ونشر الوعي وتدريب المتخصصين، والخروج برؤية عمل مؤسسية ومنظمة تضمن -بإذن الله- تحقيق الأهداف المرجوة من هذا المشروع.
فكرة المشروع وآلية تنفيذه
@ كيف بدأت فكرة المشروع؟
– انبثقت فكرة المشروع الوطني من توصية المؤتمر الأول حول اضطراب فرط الحركة و تشتت الانتباه في الشرق الأوسط الذي عُقد بمستشفى الملك فيصل التخصصي و مركز الأبحاث بالرياض في ديسمبر 2004م، حيث تم تشكيل لجنة لتفعيل التوصية، وقامت بصياغة بنود هذا المشروع، ثم تمت إحالته إلى مجلس الشورى الذي أوصى بالموافقة على المشروع في 1429/7/3ه، والرفع به إلى مقام مجلس الوزراء الذي وافق عليه.
@ ما هي الآلية الموضوعة لتنفيذ المشروع؟
– الآلية التي وضعت لتنفيذ المشروع تقوم على مشاركة خمس وزارات هي الصحة، والتربية والتعليم، والتعليم العالي، والثقافة والإعلام، والشؤون الاجتماعية، بحيث تعمل كل وزارة منها في الجانب الذي يخصها، بحيث تقوم وزارة الصحة بعلاج حالات اضطرابات فرط الحركة وتشتت الانتباه، مع توفير الكفاءات المتخصصة اللازمة لذلك، واستقطاب الخبرات العالمية المتخصصة في هذا المجال، وفتح عيادات متخصصة في جميع المستشفيات المحلية، فيما تقوم وزارة التربية والتعليم بالتأكيد على دور المدرس في المدرسة على مساعدة الطلاب الذين يعانون من فرط الحركة، ومعاملتهم معاملة خاصة تتناسب مع نوع إصابتهم من حيث التشجيع والاهتمام، كما تقوم وزارة التعليم العالي في توفير الكفاءات التعليمية عبر فتح مسارات للكليات خاصة بالاضطرابات السلوكية عبر وضع مناهج عن فكرة التعامل مع هذه الفئة، وفي الوقت نفسه تقع على وزارة الثقافة والإعلام مسؤولية التوعية وتقديم البرامج التوعوية للجمهور، وتشجيع المؤلفين على تأليف المطبوعات المختلفة، أما دور وزارة الشؤون الاجتماعية فيكمن في دعم الإبداع لدى هذه الفئة، حيث يتميز أغلبهم بأنهم ذوو تفكير عبقري ومبدع، كما نص المشروع أن يكون إعطاء التراخيص اللازمة لفتح مراكز خاصة بحالات اضطرابات فرط الحركة وتشتت الانتباه عن طريق وزارة الشؤون الاجتماعية إذا كان المركز خيرياً، ومن وزارة التربية والتعليم للمراكز نفسها إذا كانت تقوم برعاية الحالات القابلة للتعليم من الجنسين بنين وبنات، وتقوم وزارة الصحة بالإشراف على الجوانب الصحية والتراخيص للكادر الصحي في هذه المراكز.
الخطوة المقبلة.. والميزانية
@ ولكن ما هي الخطوة المقبلة للبدء في تنفيذ هذا المشروع؟
– بالتأكيد أن الخطوة المقبلة لا تقل أهمية عن الخطوات التي تم التوصل فيها إلى المشروع، وهو ما يؤكد حجم المسؤولية الوطنية التي ينبغي أن تتطلع إليها الجهات المشاركة في المشروع كل حسب اختصاصه، وبناء على ذلك سيكون هناك لجنة مشكلة من هذه الجهات تتولى البدء في تنفيذ هذا المشروع، ونرجو أن تكون هذه اللجنة برئاسة وزارة الصحة ممثلة بمستشفى الملك فيصل التخصصي و مركز الأبحاث بالرياض.
@ لماذا ترغبين أن تكون اللجنة تحت مظلة وزارة الصحة ممثلة بالمستشفى التخصصي بالرياض؟
– الواقع أني أقدم هنا اقتراح، بدافع أن المستشفى التخصصي في الرياض هو صاحب المبادرة في هذا المشروع، ولديه الخبرة الكافية في التعامل مع هذه الفئة على مدى سنوات، كما يتمتع بالإمكانات التي تؤهله لتحقيق أهداف المشروع بالتعاون والتنسيق مع الجهات الحكومية المعنية، إضافة إلى أن إصابة فرط الحركة وتشتت الانتباه أساسه صحي ويحتاج إلى علاج طبي وسلوكي، دون التقليل بالطبع من الأدوار المهمة التي تضطلع بها الجهات الحكومية الأخرى.
@ هل المشروع يتمتع بميزانية مستقلة؟
– الواقع أن المشروع لا يتمتع بميزانية مستقلة، وإنما يعتمد على ميزانيات الجهات الحكومية، ونرغب أن يكون هناك ميزانية خاصة بالمشروع بما يضمن تحقيق أهدافه، وتمكين أسر المصابين من تأمين احتياجات أبنائهم طبياً وتربوياً ونفسياً، إلى جانب تكثيف التوعية الإعلامية بأعراض الإصابة، والتقليل من آثاره على المجتمع.
أعراض الإصابة
@ ما هي أعراض فرط الحركة وتشتت الانتباه؟ وكم نسبة الإصابة به في المملكة؟
– هو اضطراب عصبي سلوكي يجعل من الصعب على الشخص المصاب أن يتحكم في أفعاله أو يركز في عمل ما، وتبرز أعراضه في عدم التركيز وتشتت الانتباه خصوصاً في حال وجود مؤثرات صوتية أو مرئية، وعدم استمرار الطفل المصاب في نشاط واحد، كما أنه ينسى سريعاً، ولديه قابلية للاندفاع وسرعة العصبية، إلى جانب تزايد نشاطه وعدم قدرته على التحكم في حركته المستمرة، كذلك حالة عدم الرضا أو الاقتناع لدى الطفل وشعوره بالملل من الألعاب التي تستدعي تركيزاً ذهنياً، كذلك ضعف المهارات الاجتماعية والتناسق الحركي، وشعور الطفل بحالة من المزاجية والعناد، وصعوبة التعلم داخل المدرسة.
ومتوسط الإصابة بفرط الحركة وتشتت الانتباه بين الأطفال في المملكة 15.5بالمائة، وهي تمثل ثلاثة أضعاف نسبة الإصابة العالمية.
@ ماهي اسباب هذا الاضطراب؟
– من أهم أسباب هذا الاضطراب الأسباب الوراثية، وتلعب دوراً في الاصابة بنسبة 86% من الحالات، وهناك 14% أسباب مكتسبة تؤثر على الدماغ في فترات حرجة من تكوينه لنقص الاكسجين عند المواليد او الالتهابات الفيروسيه او الجلطات.
التشخيص العلاجي والسلوكي
@ كيف يتم تشخيص الإصابة بفرط الحركة وتشتت الانتباه؟
– تشخيص الإصابة عن طريقين، هما: جمع بيانات ومعلومات عن الطفل وسلوكياته مع تطبيق بعض الاختبارات للاستدلال على مستوى الذكاء، إلى جانب عمل اختبارات تقييمية مختلفة حسب الحالة ومن ثم تحليلها، أما العلاج فيبدأ بمعرفة طبيعة وأعراض الاضطراب، ثم تقديم العلاج النفسي والاجتماعي المناسبين، وأخيراً العلاج الدوائي تبعاً لعمر المصاب، فمثلاً العلاج دون عمر 6سنوات يكون أسهل بكثير، حيث يحتاج المصاب فقط لعلاج سلوكي دون تدخل طبي، بعكس علاج من يكبرون هذا السن، فإنهم يحتاجون عند الكبر إلى علاج طبي وتربوي وسلوكي، ما يعني تضاعف الجهود والإمكانات المسخرة لرعايتهم.
تأهيل الأسر والمعلمين
@ ما هي جهودكم الحالية في المجموعة لتأهيل أسر المصابين والمعلمين في المدارس؟
– المشاريع الحالية والقادمة هي تأهيل الاهالي والتربويين لكي يصبحوا مدربين من خلال برنامج واضح لكي تستمر مسيرة نشر المعرفة وتكوين مجموعة كبيرة من القادرين على نشر المعرفة في انحاء المملكة، ومن أهم الأهداف المستقبلية هو تدريب أطباء الأطفال وأطباء طب العائلة على طرق التشخيص والعلاج، وهذا -إن شاء الله- سيتم من خلال التعاون مع الاكاديمية الامريكية لأطباء الاطفال والشراكة مع وزارة الصحة والجمعية السعودية لأطباء الاطفال في المملكة.
@ دكتورة سعاد كيف ترين المستقبل لذوي اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه بعد المشروع الوطني؟
– ارى مستقبلاً مضيئاً -إن شاء الله- إذا تم تنفيذ البنود المطلوبة من كل وزارة، وأنا أرى أمامي هؤلاء المصابين وقد تجاوزا معاناتهم ليكونوا أعضاء فاعلين في المجتمع الذي سيشيد بإبداعهم وتفوقهم.
المصدر: جريدة الرياض