تخطى إلى المحتوى

الباحثون يربطون اضطراب فرط حركة الطفل بالتسمم بطلاء الألعاب

الدكتور / جمال بن حامد الحامد
استشاري طب العائلة والمجتمع
إن دراسة الجوانب السلوكية والوجدانية التي تحدث لدى الاطفال خصوصاً في سنوات الطفولة المبكرة مرتبطة ارتباطاً وثيقاً ببناء شخصية الطفل في المستقبل وما يتبعها من الاضطرابات السلوكية التي تحدث في سن المراهقة والبلوغ لذلك قام علماء النفس وأخصائيو علم النفس لدى الاطفال بدراسة سلوكيات الاطفال السوية والمرضية فأنشئت عيادات لعلاج الاضطرابات النفسية والسلوكية لدى الاطفال ومن ضمنها اضطراب (فرط الحركة وتشتت الانتباه لدى الأطفال) Attention Deficit (ADHD) Hyperactivity Disorder إن معدل انتشار هذا الاضطراب يتفاوت من بلد إلى آخر بل يختلف في نفس البلد من مدينة إلى أخرى وتتراوح هذه النسبة بين 3-16.7%.
من هنا يتبين أن معدل انتشار هذا الاضطراب يشكل مشكلة صحية تصيب أطفالنا في سن مبكرة وهذه المشكلة بحاجة الى تكاتف الجهود للحد منها وإعطائها القدر الكافي من الاهتمام.

تعريف اضطراب  فرط الحركة و تشتت الانتباه  (افتا)

هو اضطراب سلوكي يصيب الأطفال في سن مبكرة مما يسبب اضطراباً في النواحي السلوكية والنفسية والاجتماعية لدى الطفل وما ينتج عنه من تأخر في المستوى الدراسي وقد يؤدي إلى جنوح الطفل وحالة إدمان على المسكرات والمخدرات في المستقبل.

أهمية اكتشاف هذه الفئة في المراحل المبكرة

إن أهمية اكتشاف هذه الفئة في المراحل المبكرة يؤدي إلى الآتي :

  •  تحسين فرص النجاح للطفل مستقبلاً
  • رفع الأداء المدرسي والإجتماعي لهؤلاء الأطفال
  • تخفيف معاناة أولياء الأمور
  • معرفة طرق التعامل الصحيح مع الأطفال المصابين
  • حمايتهم من التعرض للضرب المبرح والعقاب من بعض أولياء الأمور بسبب سلوكيات الأطفال المرضية
  • حمايتهم ووقايتهم من التعرض لتعاطي المخدرات والمسكرات

مسببات هذا الاضطراب

بالرجوع إلى الدراسات والأبحاث وما نشر في هذا الموضوع نجد أن من الباحثين وعلى رأسهم الدكتور باركلي 1990يرجعون سبب هذا الاضطراب إلى الآتي :

  1. العوامل البيولوجية (الوراثية): يقول أحد الباحثين ان عامل الوراثة يلعب دوراً كبيراً في هذا الإضطراب والدليل على ذلك أن ما يربو على (90%) من الأطفال الذين يعانون من هذا الاضطراب يوجد بين أفراد أسرهم عضو مصاب بهذا الاضطراب (ADHD) ودراسات أخرى ذكرت أن (25%) من والدي هؤلاء الأطفال كانوا يعانون من اضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة في طفولتهم، ويقول الباحث باركلي ان التوائم لهم قابلية فيما بينهم لنقل الجينات (Genetics) لهذا الاضطراب تتراوح نسبته ما بين ( 50- 92%).
  2. العوامل البيئية والاجتماعية: بدأ الباحثون يحللون بيئة الطفل المصاب بهذا الاضطراب (ADHD) فوجدوا أنها تمتاز بالتفكك الأسري وسوء التربية والخصومات داخل الأسرة وغالباً تفتقد هذه البيئة للاستقرار والأمن النفسي. بعض الباحثين ربط هذا الاضطراب بالتسمم ببعض السموم والمعادن مثل (معدن الرصاص) الذي يستخدم في طلاء ألعاب الأطفال، ولا تزال هذه العوامل موضع بحث وخلاف بين المختصين في هذا المجال.

سمات هذا الاضطراب

  • تشتت الانتباه (Attention deficit)
  • فرط الحركة (Hyperactivity) والاندفاعية (Impulsivity)

ولمزيد من التوضيح

سمات نقص الانتباه تظهر على شكل :

  • عدم القدرة على أداء المهام التي تتطلب تركيزا متواصلا
  • قصر فترة الانتباه وصعوبة التركيز لفترة طويلة

سمات فرط الحركة والاندفاعية وتظهر على شكل :

  • كثرة الحركة والثرثرة والتملل أثناء الجلوس
  • فوضوية الطبع
  • الاندفاع والتهور وسهولة الإثارة
  • اللامبالاة بعواقب الأمور

صفاته العاطفية وعلاقاته مع الآخرين :

  • التهور وسرعة الغضب
  • تذبذب المزاج وسرعة تقلبه
  • صعوبة إظهار شعوره وما بداخله للآخرين
  • الانطوائية والخجل
  • يتصرف تصرفات غير سوية مع أقرانه مما يفقد تكوين الصداقات.

سمات الأداء الأكاديمي (المدرسي) :

  • صعوبات تعليمة في (النطق والكتابة والقراءة والحفظ) وتفاوت بين طفل وآخر
  • عدم القدرة على التركيز وترتيب أفكاره
  • انخفاض التفاعل مع الحوافز أو التخويف
  • عدم تناسب أدائه المدرسي مع عمره بل يكون بمستوى من يقل عنه بعام أو عامين.

اضطرابات مشابهة :

  • لابد من التشخيص الدقيق حتى يتم التفريق عن بعض الاضطرابات المشابهة له في بعض الأعراض مثل :
  • اضطراب السلوك والعصيان
  • الاكتئاب الطفولي
  • اضطراب القلق والخوف لدى الأطفال
  • اضطراب (متلازمات) توريت
  • التوحد
  • صعوبات التعلم ونقص معدل الذكاء أو التأخر العقلي

كيفية التشخيص :

يتم تشخيص اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه بناء على معلومات يتم جمعها عبر استبيانات مخصصة تتناول سلوك الطفل وأداءه في البيت والمدرسة يقوم بتعبئتها المعلم والأهل بشكل منتظم إضافة إلى الفحص السريري والتقييم النفسي والعصبي للتأكد من عدم وجود اضطرابات مصاحبة أو مشابهة. يهدف هذا التقييم إلى تحديد سمات هذا الاضطراب الأساسية لدى الطفل وهي :

  • نقص الانتباه
  • فرط الحركة
  • الاندفاعية

ولا بد من توفر الشروط الإضافية التالية ليتم التشخيص وهي :

  1. استمرارية هذه الأعراض والسمات لستة أشهر فأكثر
  2. أن تكون بداية ظهور هذه الأعراض قبل سن السابعة من عمر الطفل.
  3. تواجد هذه السمات والاعراض في بيئتين مختلفتين للطفل أو أكثر مثل (بيئة المدرسة والمنزل …..)
  4. أن تكون هذه السمات المرضية قد أثرت على مستواه الاجتماعي والأكاديمي تأثيراً واضحاً بليغاً.
  5. التأكد من خلو الطفل من الأمراض الذهانية مثل الفصام والأمراض العصابية مثل (القلق والإكتئاب)
  6. التأكد من خلو الطفل من الأمراض العضوية مثل اضطراب الغدة الدرقية وكذلك الكشف على حاستي السمع والبصر
  7. التأكد ألا يكون الطفل تحت تأثير بعض الأدوية مثل أدوية الصرع مثل فينوباريتال وغيرها لأنها قد تعطي نفس الأعراض

التأثير السلبي لهذا الاضطراب على الطفل حاضراً ومستقبلاً :

  1. التأخر الدراسي
  2. العدوانية
  3. الانطوائية
  4. سرعة الغضب
  5. قابلية لتدمير الممتلكات “الخاص والعام”
  6. عرضة للعقاب المبرح بسبب سلوكه العدواني
  7. له قابلية في المستقبل أكثر من غيره لتعاطي المخدرات والمسكرات
  8. ليس لديهم القدرة على الحفاظ على العلاقات الاجتماعية مع الآخرين وفقد الصداقات
  9. يلاحظ عليهم عدم الاستقرار الوظيفي والتنقل في الوظائف مستقبلاً
  10. لديهم قابلية أكثر من غيرهم في اصابتهم باضطرابات سلوكية ونفسية مثل اضطراب الشخصية والسلوك اللاجتماعي ومحاولات الإنتحار وعدم الثقة بالنفس

وسائل العلاج المتاحة

العلاج السلوكي

مثل التدعيم الإيجابي والسلبي، وذلك من خلال تقديم معززات رمزية مثل النجوم ومن ثم يتم استبدالها بمعززات عينية مثل (النقود والرحلات …… الخ) أو سلبياً بحرمانه من بعض الأنشطة المحببة عند عدم اتمام واجباته

العلاج السلوكي المعرفي

وهذا يجمع تقنيات العلاج السلوكي والمعرفي وتجدر الإشارة إلى أنه في كل مرحلة من مراحل العلاج المذكور يمكن استخدام العلاج الدوائي حيث أشارت الأبحاث أن الجمع بين العلاج الدوائي والعلاج السلوكي المعرفي يؤدي إلى نتائج جيدة

الارشاد النفسي التربوي

ويشمل على ارشاد وتوجيه :

  1. الأبوين في كيفية التعامل مع الطفل في المنزل
  2. المعلمين في كيفية التعامل مع الطفل في المدرسة

الأدوية

يمكن تقسيم الأدوية الخاصة لمعالجة اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه إلى أدوية منبهة وهي الأكثر فاعلية وتصل الاستجابة فيها إلى (75%)، وأدوية أخرى تتفاوت نسبة الاستجابة فيها حسب كل حالة على حدة. ولا شك أن التكامل والتعاون بين جميع الوسائل السابقة وهو ما يعزز فرص النجاح في معالجة الطفل.