تخطى إلى المحتوى

قيادة التطوع

” بين قيادة التطوع وإدارته نظرةٌ إلى المستقبل “

 القيادة والتطوع مصطلحان كل واحد منهما له من الهيبة والوقار والجمال والإشراق والروح والحركة والمعنى والمبنى الفاخر الأنيق ما يجعل له جاذبية عالية ومبتغى يقصده كبار الهمم وعظيمو الأثر ومحبو الخير وقاصدو النفع والمبادرون الموفَّقون، فكيف باجتماعهما (قيادة التطوع) أيُّ مشاعرَ جليلة وأفكارٍ كبيرة ومعاني عميقة وأثر ممتد، يجعل من قادة التطوع فرسان حضارة وبناة أوطان ونجوم مجتمع وقدوات خالدة.

 مؤسسيًّا إدارة التطوع تُعنى بالخطط التنفيذية وتحقيق مستهدَفات الخطط التشغيلية في المنظمات الأهلية، أما قيادة التطوع فهو باختصار: تحقيق المستقبل.

اليوم في عالم المنظمات الأهلية وغير الربحية قيادة التطوع لها أربعة مستويات عملية تجعل من منظماتنا فاعلة ومتفاعلة داخل المنظمة وخارجها.

المستوى الأول: قيادة التطوع من خلال المنصب الإداري الذي يشغله المتطوع والموظف، ومن خلال المهمة القيادية التي يكلف بها، في هذا المستوى يتمثل دوره الحقيقي في معرفة عمله ومهمته جيدًا (لديه إجابة عن الأسئلة العملية المتعلقة بالمنصب الذي يشغله) كما أنه يتقبل المسؤولية ويتحمل نتائج قراراته تمامًا ويستخدم سلطته بما يعزز حضوره وفاعليته، وأيضًا في هذا المستوى فرصة لتقييم نواحي التميز والقوة في المورد البشري في المنظمة وتكليفهم بمهام متصاعدة ومتنوعة وبذل جهد أكبر في سبيل تحقيق نتائج أكبر.
المستوى الثاني: قيادة التطوع من خلال تعزيز العلاقات وتحقيق القبول داخل المنظمة وخارجها، يكمن جمال دور قادة التطوع في هذا المستوى في كسب القلوب وجذب الشخصيات الإيجابية وتحريك الجانب الإنساني لأفراد المنظمة وقادتها، وذلك من خلال التعرف عليهم بقرب ومعرفة اهتماماتهم وتطلعاتهم تجاه ذواتهم ومنظمتهم ومستقبلهم، وجعل المنظمة هي الشريك الحقيقي لهم في تحقيق طموحاتهم المستقبلية وتعزيز ولائهم وانتمائهم وشغفهم نحو المنظمة.
المستوى الثالث: قيادة التطوع من خلال النتائج وتحقيق المنجَزات وجعل الأهداف واقعًا يُعاش ويُشاهد ويُفتخر به، وهذا المستوى هو العنوان الحقيقي لفاعلية المنظمات الأهلية، وفيه تتحقق مصداقية العمل وقادة المنظمة ومنسوبيها، النتائج والمنجَزات هي الـ(CV) الفعلي للمنظمة وقادتها، ودور قادة التطوع في هذا المستوى هو وضع أهداف للنمو  والتطوير المستمر ونشر روح المساءلة وتقنينٍ للمحاسبة الذاتية وتحقيق مكاسب بعيدة المدى عن طريق التغيير الناجح وجعل ثقافة تحقيق النتائج هي العنوان الأبرز مع صناعة اتجاهات عميقة نحو الإنجاز وتحقيق النتائج.
المستوى الرابع: قيادة التطوع من خلال تنمية قادة المستقبل في المنظمة، في هذا المستوى يظهر الدور النخبوي الأصيل لقادة التطوع في تحقيق الاستدامة للمنظمة في موردها البشري ومستقبلها التنموي من خلال جعل تنمية الأفراد هي الأولوية الأولى في هذا المستوى بل اعتبارهم أهم الموارد المتاحة على الإطلاق مع الاهتمام بخلق بيئة حاضنة ومطوِّرة ومعزِّزة للاستثمار في المورد البشري، وصُنع اتجاهات عميقة نحو التنمية القيادية وبرامج إعداد القادة وإتاحة فرص حقيقية للممارسات القيادية المستقبلية.

عبر هذه المستويات الأربعة يتقدم قادة التطوع باستمرار نحو المستقبل والريادة، وتحقيق الأثر والسعي الجادّ لجعل منظماتنا الأهلية مواكبةً لتقدم الوطن وتنمية الإنسان.

د. عبدالرحمن الشتوي